تحكي فتاة قصتها قائلةً:”كنت قد انخطبت لشاب في المانيا ، والحمد لله، كان يتمتع بأخلاق جيدة وتعليم محترم، وكان من عائلة محترمة أيضاً. ظللنا نتواصل عبر الإنترنت لفترة طويلة، وأعجبت به لأنه كان ظريفاً ودمه خفيف.
بدأنا في إجراءات الزواج لأن الشاب كان يرغب في لم شملنا، وكنت قد اشترطت أن أسافر بطريقة قانونية بالطائرة، وهو وافق على هذا الشرط.
لكن بعد فترة، بدأ يقول إن الأوراق تواجه صعوبات، وأن لم الشمل قد يستغرق سنتين. كان يتوق لأن أكون بجانبه بسرعة، واقترح عليّ أن أهـ.ـ…رب عبر البحر من الحدود السورية.
في البداية، رفضت بشدة لأنني أخاف من البحر ولا أستطيع السباحة. لكن رغم خوفي، ظل يلح عليّ، مؤكداً أن الرحلة آمنة وأن الكثير من الناس قد سافروا عبرها، وأنه خلال أسبوع ستكونين بجانبي بدلاً من الانتظار لسنتين.
في النهاية، اقتنعت وخصوصاً أن صديقتي كانت ستسافر معي بنفس الرحلة إلى خطيبها. جهزت نفسي وسافرت إلى لبنان مع صديقتي.
بعد صعودنا إلى القارب، فوجئت بالعدد الكبير من الأشخاص على متنه، لكن لم يكن هناك مجال للرجوع.
بينما كنا على القارب، سمعت شاباً يتحدث إلى أحد رفاقه قائلاً إنه فقد والدته التي توفيت منذ فترة، وأن والده سافر ولم يسمع عنه شيئاً. كان يضحك ويطلب من رفيقه أن يقرأ له الفاتحة على روحه لأنه لا أحد يتذكره.
استمر القارب في سيره، وبعد بضع ساعات، شعرت بالذعر لأنني لا أستطيع السباحة وسقطت في الماء. كان آخر شيء سمعته هو أصوات الناس حولي قبل أن أغشى.
عندما فتحت عيني مجدداً، وجدت نفسي مربوطة بعبوة مازوت، وكنت أبحث عن صديقتي لكن لم أجدها. رأيت الشاب الذي كان معنا في القارب يجرني. سألت عن صديقتي، لكنه قال إنه لا يعرف مكانها، وأعرب عن أمله في أن يجدها أحد.
كانت الأمواج قوية، وكلما أفلتت العبوة من يدي، كان الشاب يعود ليأخذها ويعطيني إياها مرة أخرى. في النهاية، قال لي أن أمسكي جيداً، وأعطاني قميصه وربطني به، طالباً مني أن أكون هادئة وألا أفكر في أي شيء آخر حتى لا أستسلم للخوف.
كان يشجعني ويواصل الحديث معي ليبقي عقلي معي. عندما عثرت على حلوى في جيبه، حاولت أن أتناول بعضها وأعطيه إياه، لكنه رفض وقال إنني يجب أن أأكلها بمفردي.
ثم جاءت موجة كبيرة، ولم أعد أتذكر شيئاً بعد ذلك. عندما فتحت عيني مرة أخرى، وجدت نفسي في المستشفى محاطة بأمي وأخواتي.
كانت أمي تبكي من الفرحة، وقالت لي إنهم رأوني مربوطاً بعبوات خشبية وقناني بلاستيكية للحفاظ على طفوّي ومنع غـ.ـ…رقى.
سألت عن الشاب الذي كان معي، ولكن لا أحد كان يعرف عنه شيئاً. أخبرتهم أنه خطيبي، وأخي تدخل ورتب الأمور على أساس أنه خطيبي الذي نعرفه. كتب أخي منشوراً على فيسبوك يقول إن لدينا شـ.ـ…هيداً، وكل من يريد أن يشارك يدعو له.
عندما مررنا بجانب البحر، طلبت من أخي أن يتوقف، ونزلت ورميّت خاتم الخطبة في البحر، ثم عدت إلى السيارة. عندما صعدت إلى الشرفة ورأيت الحشود الكبيرة تحت منزلنا.
كانوا جميعاً يدعون له ويترحمون عليه. كانت الأصوات أعلى من موج البحر، وعرفت وقتها أن هذا الشاب كان له مكانة كبيرة عند الله.
الرجولة ليست مجرد شوارب وعضلات، بل هي مواقف وشجاعة في أصـ.ـ…عب الظروف